خطبة الجمعة بعنوان : الاستقامة والمداومة على الطاعة ، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة بعنوان : الاستقامة والمداومة على الطاعة ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 3 شوال 1445 هـ ، الموافق 12 أبريل 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 أبريل 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الاستقامة والمداومة على الطاعة :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 أبريل 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الاستقامة والمداومة على الطاعة ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 أبريل 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الاستقامة والمداومة على الطاعة ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 12 أبريل 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : الاستقامة والمداومة على الطاعة : كما يلي:
أولًا: حالُنَا بعدَ رمضانَ.
ثانيًا: حثُّ الإسلامِ على الاستقامةِ.
ثالثًا: المداومةُ والثباتُ على الطاعةِ بعدَ رمضانَ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 12 أبريل 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : الاستقامة والمداومة على الطاعة : كما يلي:
الاستقامةُ والمداومةُ على الطاعةِ
3 شوال 1445هـ – 12 إبريل 2024م
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : الاستقامة والمداومة على الطاعة
أولًا: حالُنَا بعدَ رمضانَ.
إنَّ حالَنَا وحالَ المساجدِ بعدَ رمضانَ حالٌ يُدمِي القلبَ السعيدَ، أبَعْدَ عملِ الصالحاتِ، وكسْبِ الحسناتِ في شهرِ رمضانَ، شهرِ البركاتِ، ينقلبُ البعضُ على عَقبيهِ، فيعودُ إلى شهواتِهِ مرَّةً أُخرى، فيعبُّ منهَا عبًّا، وينغمسُ فيها انغماسًا، فلا يمضِي عليهِ قليلٌ مِن الوقتِ حتى تتضاعفَ سيئاتُهُ، وتكثرَ أخطاؤهُ وخطاياهُ؟! فمِن الناسِ مَن يتركُ الصلاةَ ويهجرُ المساجدَ، ومنهُم مَن يُطلقُ لشهواتِه العنانَ!! ويُفْسِحُ لها الميدانَ!! ومنهم مَن يُمسِكُ عن فِعْلِ البرِّ والإحسانِ وقراءةِ القرآنِ!! كأنَّ رمضانَ وحدَهُ هو شهرُ الطاعةِ والعبادةِ!! وسجنُ المعصيةِ والرذيلةِ، حتى إذا ما انتهى رمضانُ تحكَّمتْ في بعضِ الناسِ الرذائلُ وتولَّى قيادتَهُم الشيطانُ، وما أولئكَ بالمؤمنين!!
أينَ الذين عمّرُوا المساجدَ في رمضانَ، وازدحمُوا في ليلةِ سبعٍ وعشرين، وختمِ القرآنِ؟! أين الأصواتُ المدويةُ بتلاوةِ التالِين؟! أينَ الذينَ تكاثرُوا على المساجدِ والمراكزِ الخيريةِ؛ آداءً للزكاةِ، ودفعًا لصدقةِ الفِطرِ؟! هل زاغتْ عنهم الأبصارُ، أم تخطفهُم طيورٌ مِنَ السماءِ، أم حلَّتْ بِهم قارعةٌ في الدِّيارِ، أم أصابتْهُم نازلةٌ أقعدتْهُم على الفُرُشِ، أم أصابتْهُم سِهامُ المنايا فجعلتْهُم جثثًا هامدةً؟!
بعدَ رمضانَ هدأتْ المساجدُ وقلتْ الصفوفُ!! وعادتْ المصاحفُ الي الرفوفِ!! وانشغلَ الناسُ بالأفراحِ والدفوفِ!! وانكبَّ على الخمرِ كلُّ سكيرٍ ملهوفٍ!! وحالُ هؤلاءِ كما قال البائسُ عن الخمرِ:
رمضانُ ولَّى هاتهَا يا ساقي ** مشتاقةٌ تسعَى إلى مشتاقِ
واعلمْ أخِي المصلِّي أنَّ المكانَ الذي كنتَ تُصلِّي فيهِ في رمضانَ يُنادِي عليكً، والصلاةَ نفسَهَا في أوقاتِهَا تفتقدُكَ وتلعنُكَ:
يا تاركًا لصلاتِهِ إنَّ الصلاةَ لتشتكِــــي *** وتقولُ في أوقاتِهَا: اللهُ يلعــنُ تــاركِـي
أيُّها التائبُ الآيبُ في رمضانَ، استمِرَّ على توبتِكَ، وابكِ على ذنبِكَ، هذا السكيرُ الذي استطاعَ أنْ يهجرَ الخمرَ ثلاثينَ يومًا وثلاثينَ ليلةً، فزَكَا قلبُه، وامتلأ جيبُه، وصحَّ بدنُه، لماذا لا يواصلُ العيشَ بعدَ رمضانَ على هذا المنوالِ والمنهاجِ، وقد عُلِمَ بالتجرِبة والاختبارِ أنَّ هذا الهجرَ قد نفعَهُ ولم يضرَّهُ، وتيسَّرَ له ولم يتعسَّرْ عليه؟! وهذا المدخِّنُ الذي ترَكَ التدخينَ ثلاثينَ يومًا، فأراحَ صدرَهُ، وسكنتْ أعصابُهُ، وقويتْ شهيتُهُ، لماذا لا يستمرُّ صائمًا عنه ليلَهُ ونهارَهُ، وقد رأى أنَّ في طاقتِهِ الاستغناءَ عنه، والحياةَ بدونه؟!
واعلمْ أيُّها التائبُ، المقلعُ عن الذنبِ، النادمُ على التفريطِ، أنَّ مَن تَرَكَ للهِ شيئًا عوَّضَهُ اللهُ خيرًا منهُ!!
العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : الاستقامة والمداومة على الطاعة
ثانيًا: حثُّ الإسلامِ على الاستقامةِ.
لقد حثَّنَا الدينُ الإسلاميُّ الحنيفُ على لزومِ الاستقامةِ على الطاعةِ كما جاءَ في القرآنِ والسنةِ.
وعن معنى الاستقامةِ يقولُ ابنُ رجبٍ:” الاستقامةُ: هي سلوكُ الصِّراطِ المستقيمِ، وهو الدِّينُ القيِّمُ مِن غيرِ تعريجٍ عنهُ يَمنةً ولا يَسرةً ، ويشملُ ذلك فعلَ الطَّاعاتِ كلِّهَا، الظاهرةِ والباطنةِ، وتركَ المنهياتِ كُلِّهَا كذلك، فصارتْ هذه الوصيةُ جامعةً لخصالِ الدِّينِ كُلِّهَا.” (جامع العلوم والحكم).
ولمَّا كان مِن طبيعةِ الإنسانِ أنّهُ قد يُقصرُ في فعلِ المأمورِ، أو اجتنابِ المحظورِ، أو انحرفٍ عن الوسطيةِ يمنةً أو يسرةً، وهذا خروجٌ عن الاستقامةِ، أرشدَهُ الشرعُ إلى ما يعيدُهُ لطريقِ الاستقامةِ، فقالَ تعالى مشيرًا إلى ذلك: { فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ } ( فصلت: 6). فأشارَ إلى أنَّهُ لابُدَّ مِن تقصيرٍ في الاستقامةِ المأمورِ بهَا، وأنَّ ذلك التقصيرَ يُجبَرُ بالاستغفارِ المقتضِي للتوبةِ والرجوعِ إلى الاستقامةِ.
وقد أكدَ القرآنُ الكريمُ على لزومِ الاستقامةِ في مواضعَ عديدةٍ، فقالَ تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} (الشورى: 15). وقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}. (الأنعام: 153) ، وقال: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. (هود: 112).
يقولُ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ اللهُ: ” يأمرُ اللهُ تعالى رسولَهُ وعبادَهُ المؤمنين بالثباتِ والدوامِ على الاستقامةِ، وذلك مِن أكبرِ العونِ على النصرِ على الأعداءِ، ومخالفةِ الأضدادِ، وينهَى عن الطغيانِ وهو البغيُ، فإنَّهٌ مصرعةٌ حتى ولو على مشركٍ، وأعلمَ تعالى أنَّهُ بصيرٌ بأعمالِ العبادِ لا يغفلُ عن شيءٍ، ولا يخفَى عليهٍ شيءٌ”.
” وقالَ ابنُ عباسٍ: ما نزلتْ على رسولِ اللهِ ﷺ في جميعِ القرآنِ آيةٌ أشدُّ ولا أشقُّ عليهِ مِن هذه الآيةِ، ولهذا قال عليهِ الصلاةُ والسلامُ: « شيبتنِي هودٌ وأخواتُهَا ، » وعن بعضِهِم قال : رأيتُ النبيَّ ﷺ في النومِ فقلتُ لهُ: روي عنك أنّكَ قلتَ شيبتنِي هودٌ وأخواتُهَا فقال: « نعم » فقلتُ: وبأيِّ آيةٍ؟ فقالَ بقولِهِ : { فاستقمْ كَمَا أُمِرْتَ } “. ( تفسير الرازي).
وكمَا حفلَ القرآنُ بالعديدِ مِن الآياتِ التي تأمرُ بالاستقامةِ، فكذلك حفلتْ السنةُ النبويةُ المشرفةُ بالعديدِ مِن الأحاديثٍ التي تحثُّ على الاستقامةِ ولزومِهَا في كلِّ وقتٍ وحينٍ.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ»، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: «هَذِهِ سُبُلٌ مُتَفَرِّقَةٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»، ثُمَّ قَرَأَ: {وأِنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}. ( أحمد وابن ماجة ).
وأمرَ نبيُّ اللهِ ﷺ أصحابَهُ بالاستقامةِ، فعن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رضي اللهُ عنهما: أنَّ معاذَ بنَ جبلٍ أرادَ سفرًا، فقال: يا رسولَ اللهِ أوصنِي، قال: «اعبد اللهَ، ولا تشركْ بهِ شيئًا». قال: يا رسولَ اللهِ زِدنِي. قال: «إذا أسأتَ فأحسنْ»، قال: يا رسولَ اللهِ زدنِي. قال: «استقمْ ولْتُحْسِنْ خلقَك». (الطبراني والحاكم ).
وعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ بَعْدَكَ، قَالَ: قُلْ: « آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ ». ( أحمد والطبراني والنسائي ).
كما أكدتْ السنةُ على استقامةِ اللسانِ؛ لأنَّ بهِ استقامةَ الجوارحِ كلِّهَا .
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرفُوعًا قَالَ: ”إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ؛ فَإِنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا؛ وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا” . [ الترمذي بسند حسن ].
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:” لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ “. ( أحمد والطبراني والبيهقى بسند حسن ).
يقولُ ابنُ رجبٍ:” متى استقامَ القلبُ على معرفةِ اللهِ، وعلى خشيتِه، وإجلالِه، ومهابتِه، ومحبتِه، وإرادتِه، ورجائِه، ودعائِه، والتوكُّلِ عليهِ، والإعراضِ عمّا سواهُ، استقامتْ الجوارحُ كلُّهَا على طاعتِهِ، فإنَّ القلبَ هو ملكُ الأعضاءِ، وهي جنودُهُ، فإذا استقامَ الملكُ، استقامتْ جنودُهُ ورعاياهُ، وأعظمُ ما يُراعَى استقامتُه بعدَ القلبِ مِنَ الجوارحِ اللسانُ، فإنَّه ترجمانُ القلبِ والمعبِّرُ عنهُ، ولهذا لمَّا أمرَ النَّبيُّ ﷺ بالاستقامةِ، وصَّاهُ بعدَ ذلك بحفظِ لسانِه”. ( جامع العلوم والحكم ).
وهكذا يجبُ على العبدِ أنْ يلزمَ الاستقامةَ في حياتِهِ كلِّهَا على طولِ الدوامِ.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : الاستقامة والمداومة على الطاعة
ثالثًا: المداومةُ والثباتُ على الطاعةِ بعدَ رمضانَ.
إنَّ المداومةَ على الطاعةِ وعدمَ الرجوعِ إلى المعصيةِ بعدَ رمضانَ علامةٌ كُبرَى على قبولِ العملِ، أمَّا إنْ قطعتَ عهدًا على نفسِكَ بالتغييرِ والتوبةِ مِن جميعِ الذنوبِ والمعاصِي التي كنتَ تفعلُهَا قبلَ رمضانَ، وبفضلِ اللهِ حالُكَ تغيرَ في رمضانَ، فلو عدتَ إلي ما كنتَ عليهِ قبلَ رمضانَ مِن المعاصِي فاعلمْ أنَّ عملَكَ ليسَ مقبولًا عندَ اللهِ. قال يحيي بنُ معاذ : ” مَن استغفرَ بلسانِهِ وقلبِهِ على المعصيةِ معقودٌ، وعزمُهُ أنْ يرجعَ إلي الذنبِ ويعودُ، فعملُهُ عليهِ مردودٌ، وبابُ القبولِ في وجههِ مسدودٌ ” .
إنَّ كثيرًا مِن الناسِ يتوبُ وهو دائمُ القولِ: إنَّنِي أعلمُ بأنِّي سأعودُ.. لا تقلْ مثلَهُ.. ولكنْ قُلْ: إنْ شاءَ اللهُ لن أعودَ” تحقيقًا لا تعليقًا”.. واستعنْ باللهِ واعزمْ على عدمِ العودةِ..، قال الحسنُ البصريُّ: “إنَّ مِن جزاءِ الحسنةِ الحسنةَ بعدهَا، ومِن عقوبةِ السيئةِ السيئةُ بعدَهَا، فإذا قبلَ اللهُ العبدَ فإنَّهُ يوفقهُ إلى الطاعةِ، ويصرفهُ عن المعصيةِ، وقد قال الحسنُ: “يا ابنَ آدمَ إنْ لم تكنْ في زيادةٍ فأنتَ في نقصانٍ”.
لقد زيّلَ اللهُ آياتِ الصيامِ بالشكرِ، قالَ تعالى: { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }.( البقرة: 185)، قالَ العلماءُ: ” شُكرُ الطاعةِ طاعةٌ مثلُهَا ”، فشكرُ الصيامِ صيامٌ مثلُهُ وهكذا، بمعنَى أنَّكَ صمتَ شهرَ رمضانَ، والصيامُ لم ينتهِ بعد، فهناكَ ستٌّ مِن شوال، والاثنين والخميسُ وغيرُهَا، ولذلك هناكَ فرقٌ بينَ الشكرِ والحمدِ، فالحمدُ باللسانِ والشكرُ بالعملِ، قالَ تعالى: { اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }.( سبأ : 13)، فالشكرُ يكونُ مِن جنسِ النعمةِ التي أنعمَ اللهُ بهَا عليك، فإذا تكاسلَ العبدُ عن الطاعةِ فهذا يكونُ دليلًا على عدمِ قبولِ العملِ عندَ اللهِ، وإذا داومَ عليهَا وثبتهَا فهذا دليلٌ على قبولِهَا عندَ اللهِ، وكان هديُ النبيِّ ﷺ المداومةَ على الأعمالِ الصالحةِ، فعن عائشةَ- رضي اللهُ عنها – قالت: “كان رسولُ اللهِ ﷺ إذا عملَ عملًا أثبتَهُ.” (رواه مسلم)، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ وإلى رسولِهِ أدومُهَا وإنْ قلَّت، قال رسولُ اللهِ ﷺ: ” أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ أدومُهَا وإنْ قلَّ.”( متفق عليه)، وقَالَت عَائِشَةُ – رضي اللهُ عنها -: ” كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً “( البخاري ومسلم.) ، فما كان للهِ دامَ واتصلَ، وما كان لغيرِ اللهِ انقطعَ وانفصلَ، وبشرَى لمَن داومَ على عملٍ صالحٍ، ثم انقطعَ عنهُ بسببِ مرضٍ أو سفرٍ أو نومٍ كُتِبَ لهُ أجرُ ذلك العملِ. قال رسولُ اللهِ ﷺ:” إذا مرضَ العبدُ أو سافرَ كُتبَ لهُ مثلُ ما كان يعملُ مقيمًا صحيحًا “( رواه البخاري)، وهذا في حقِّ مَن كان يعملُ طاعةً فحصلَ لهُ ما يمنعهُ منهَا، وكانت نيتُهُ أنْ يداومَ عليهَا.
إنَّ المداومةَ على الطاعةِ هي وصيةُ اللهِ عزَّ وجلَّ لخيرِ خلقِهِ وهمُ الأنبياءُ عليهم الصلاةُ والسلامُ، حيثُ جاءَ في القرآنِ قولُ عيسَى عليهِ السلامُ: { وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا }.(مريم 31)، وقد أمَرَ اللهُ سيِّدَ البشرِ بذلك، فقالَ تعالى: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } (الحجر 99). فالعبادةُ والطاعةُ تكونُ على الدوامِ لا في رمضانَ فحسب، وقد قِيلَ لبِشْرِ الحافي: إنَّ قومًا يتعبَّدونَ ويجتهدونَ في رمضانَ، فقالَ: بئسَ القومُ قومٌ لا يعرفونَ للهِ حقًّا إلَّا في رمضانَ، إنَّ الصالحَ الذي يتعبَّدُ ويجتهدُ السَّنةَ كُلَّهَا، وسُئِلَ الشبليُّ – رحمَهُ اللهُ -: أيّهُما أفضلُ، رجبُ، أو شعبانُ، أو رمضانُ؟ فقال: كنْ ربانيًّا، ولا تكنْ رمضانيًا !!
نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا الاستقامةَ، وأنْ يثبتَ قلوبَنَا على طاعتِهِ.
الدعاء،،،، وأقم الصلاة،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د/ خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف